مصدر دبلوماسي باكستاني رفيع يكشف لـ"الصحيفة": تفاصيل "هدنة نووية" حرجة قادها ترامب بدعم سعودي–إماراتي وصيني أوقفت الانزلاق نحو الحرب

 مصدر دبلوماسي باكستاني رفيع يكشف لـ"الصحيفة": تفاصيل "هدنة نووية" حرجة قادها ترامب بدعم سعودي–إماراتي وصيني أوقفت الانزلاق نحو الحرب
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأثنين 12 ماي 2025 - 21:00

ساد الهدوء مجددا على طول الحدود المتوترة بين الهند وباكستان منذ مساء الأحد، بعد أن كادت المواجهات الأخيرة بين الجارتين النوويتين تنزلق نحو كارثة إقليمية، فيما جاءت لحظة التهدئة هذه عقب ساعات فقط من تبادل الاتهامات بين البلدين بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، قبل أن يُعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطاب مقتضب عن دخول نيودلهي وإسلام آباد في هدنة مفتوحة، أنهت، ولو مؤقتا، أعنف تصعيد عسكري بينهما منذ حرب كارغيل عام 1999، والذي أعاد إلى الأذهان هشاشة السلام بين دولتين تتقاسمان حدودا ملتهبة وتاريخا مثقلا بالدم والنار.

وفي مساء العاشر من ماي الجاري، بينما كانت الأنظار مشدودة إلى جنوب آسيا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطاب مقتضب، عن دخول الهند وباكستان في هدنة مفتوحة بعد أيام من التصعيد العسكري غير المسبوق بين دولتين نوويتين تتقاسمان تاريخاً من التوتر الدموي والمواجهات المباشرة، وهو الهدوء الحذر الذي أعقب إعلان وقف إطلاق النار، فيما خلف الكواليس كانت تجري عملية فرز سرديات وأسباب التصعيد الذي كادت لوهلة أن تدفع المنطقة إلى حافة مواجهة نووية.

وعلى ضوء هذا السياق، قدمت باكستان عبر مصدر دبلوماسي رفيع في سفارتها بالرباط روايتها الكاملة والتفاصيل الدقيقة لـ"الصحيفة"، مصحوبة بتحليل موقفها السياسي والعسكري من التطورات التي تلاحقت منذ الهجوم الدموي في باهالغام.

وعرج مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في السفارة الباكستانية بالرباط، على كرونولوجيا النزاع الأخير، الذي استهل في الثاني والعشرين من أبريل الماضي، عندما سُجل هجوم مسلح في منطقة باهالغام المتنازع عليها في كشمير، وأوقع 26 قتيلا من المدنيين، وهو ما دفع الهند إلى اتهام باكستان مباشرة بتدبير الهجوم، في حين سارعت الأخيرة إلى نفي صلتها بالحادث، مدينة الهجوم ومطالبة بتحقيق مستقل، غير أن الدينامية التصعيدية التي اختارتها نيودلهي لم تقف عند حد الخطاب.

وفي الثالث والعشرين من أبريل الماضي، أعلنت الحكومة الهندية تعليق العمل بمعاهدة مياه السند، من جانب واحد، دون إخطار البنك الدولي، الراعي التاريخي للاتفاقية، و في اليوم ذاته، شرعت الهند في قطع عدد من العلاقات الثنائية الأخرى، بما في ذلك التجارة، الأجواء، وحتى التواصل الدبلوماسي وهو ما ردّت عليه إسلام آباد باعتبار الأمر "إعلان حرب".

وفي 7 ماي، شنت الهند هجوما صاروخيا حمل الاسم الرمزي "عملية سيندور"، استهدفت خلاله تسعة مواقع داخل باكستان، بزعم ضرب "بنى تحتية إرهابية"، فيما الرواية الباكستانية التي أكدها المصدر ذاته في حديثه لـ "الصحيفة"، تؤكد أن الضربات استهدفت في واقع الأمر مناطق مدنية، وأدت إلى مقتل 31 شخصا، بينهم نساء وأطفال.

وبعد مرور ساعات، ردّت القوات الجوية الباكستانية بإسقاط خمس طائرات مقاتلة هندية، من بينها مقاتلات رافال الفرنسية التي اقتنتها نيودلهي مؤخرا، وفي اليومين التاليين، واصلت الهند قصفها عبر طائرات مسيّرة إسرائيلية الصنع وقذائف مدفعية على طول خط التماس، في حين أعلنت إسلام آباد أنها أسقطت أكثر من مائة طائرة مسيّرة في مواقع متفرقة.

التصعيد بلغ ذروته في الليلة الفاصلة بين 9 و10 ماي الجاري، حين أطلقت الهند ضربات صاروخية مركزة استهدفت ثلاث قواعد حيوية داخل باكستان، من بينها قاعدة نور خان العسكرية في روالبندي، فيما جاء الرد الباكستاني عبر عملية عسكرية مضادة حملت اسم "بنيان مرصوص"، استهدفت خلالها 26 موقعا عسكريا داخل الأراضي الهندية، من ضمنها مقار ألوية وقواعد جوية ومستودعات ذخيرة، مع تأكيد السلطات الباكستانية على تجنّب إصابة أي أهداف مدنية، في خطوة تُبرز — بحسب المصدر — "الانضباط المهني والامتثال للقانون الدولي" لدى الجيش الباكستاني.

وصباح العاشر من ماي الجاري، أكد المصدر ذاته أن القيادة الباكستانية دعت إلى اجتماع عاجل لـ الهيئة الوطنية للقيادة، وهي الهيئة المشرفة على منظومة الأسلحة النووية في البلاد، واعتُبر هذا الاجتماع رسالة موجهة إلى العواصم الكبرى، ما دفع الولايات المتحدة إلى التدخل بشكل مباشر عبر وزير خارجيتها ماركو روبيو، الذي أجرى اتصالات بقادة البلدين، تمهيداً لإعلان الرئيس ترامب عن وقف لإطلاق النار بعد ساعات فقط.

وفي تقييم شامل قدّمه المصدر الدبلوماسي الباكستاني رفيع المستوى لـ"الصحيفة"، شددت إسلام آباد على أن موقفها لم يكن اندفاعيا، بل "دفاعيا، محسوبا، ومتدرجا"، متهمة الهند بـ"السعي للتصعيد الإعلامي والعسكري، على حساب الحوار والمسؤولية".، كما أكد المصدر أن "جنوب آسيا لا يحتمل المزيد من التصعيد أو النزعة الشعبوية"، مشيرا إلى أن "السلوك الهندي تجاه باكستان — بدءا من الاتهام مرورا بتعليق معاهدة السند وانتهاء بالضربات الجوية — يعكس منطقا أحاديا متهورا لا يُمكن تبريره أمام المجتمع الدولي".

وزاد المتحدث بالقول: "يجب على الهند أن تتعلم الدرس، فباكستان لن ترضخ للبلطجة.. نحن ملتزمون بالتصدي لأي عدوان، وسنرد على أي استخدام غير مسؤول للأداة العسكرية، مضيفا: "لقد اخترنا ضبط النفس رغم الاستفزاز المتواصل، حرصا على السلم الإقليمي.. لكن حين استُهدفت قواعدنا الاستراتيجية، لم يكن أمامنا سوى الردّ وفق منطق الردع التقليدي المشروع".

في السياق ذاته، ثمنت إسلام آباد الدور الأميركي، معتبرة أن وساطة الرئيس ترامب، ووزير الخارجية روبيو، ومستشار الأمن القومي الأميركي، كانت حاسمة في نزع فتيل الأزمة، كما شكرت باكستان في تصريح ممثلها بالرباط لـ "الصحيفة" قادة السعودية، تركيا، الإمارات، وقطر على تدخلهم السياسي، وخصّت الصين بالشكر على "صداقة راسخة" ساهمت في تخفيف التصعيد.

وبعيدا عن منطق السجال، حاولت باكستان في تقييمها للأزمة التأكيد على معادلة توازن دقيقة، هي إثبات القدرة العسكرية دون الانجرار لحرب مفتوحة، مشيرة إلى أن خيار الردع لا يقتصر على النووي، بل إن الردع التقليدي الذي أظهرته القوات المسلحة الباكستانية كان كافيا "لإعادة التوازن" دون تجاوز للخطوط الحمراء.

وشدد المصدر ذاته على أن الإعلام الهندي لعب دورا سلبيا في "خلق هستيريا الحرب" و"فرض أجندة التصعيد على صانعي القرار"، داعيا إلى إعلام مسؤول ومبني على الوقائع.

ورغم انتهاء العمليات العسكرية المباشرة، وعودة الهدوء النسبي على طول الحدود، تظل الأسئلة الجوهرية دون أجوبة واضحة، إلى أي مدى يُمكن لهذا الهدوء أن يصمد؟ وهل تشكّل هذه الأزمة نقطة تحوّل في العلاقة بين نيودلهي وإسلام آباد؟، فيما جواب هاته الاسئلة، التي طرحتها "الصحيفة" جاء على لسان المصدر الدبلوماسي الباكستاني الذي أكد أن بلاده "ما تزال متمسكة بخيار السلام، لكنها لا ترى فيه تنازلا عن المصالح الوطنية، بينما تصر على ضرورة تحميل الهند مسؤولية التصعيد، خاصة بعدما رفضت إجراء تحقيق مشترك مستقل، واختارت منطق القوة بدلا من الحوار".

وأورد المتحدث: "الحل يكمن في الدبلوماسية والمفاوضات، وليس في الإجراءات الأحادية وغير القانونية والقسرية التي تقوض النظام العالمي القائم على الاحترام المتبادل للسيادة والمعاهدات الدولية.. على الهند من الآن فصاعدا النظر داخليا لحل مشاكلها من أجل سلام إقليمي دائم، لا أن تجعل من باكستان كبش فداء لفشلها الداخلي في الحكم والأمن، كما يجب على المجتمع الدولي أن يحاسب الهند على سلوكها العدواني، وأن يمنع قادة مثل ناريندرا مودي من إشعال الحروب لأهداف سياسية ضيقة مبنية على الكراهية واستغلال الأحداث، فقد كان كان يمكن تفادي هذا الصراع لو أنه قبل عرض باكستان بإجراء تحقيق محايد، لكن العرض قوبل بالرفض، وعلّقت الهند معاهدة المياه من جانب واحد، وأطلقت تهديدات بالإبادة، فيما روّج الإعلام الهندي لهستيريا الحرب".

وفي العمق، تتجاوز هذه الأزمة مجرد تبادل للنيران، لتطرح مجددا معضلة السلم والأمن في جنوب آسيا، والتحديات المتزايدة أمام النظام الدولي في كبح جماح النزاعات النووية، خصوصا حين تتحول الحوادث الأمنية إلى أدوات للمزايدة السياسية والهيمنة الجيوسياسية، وهو ما علّق عليه مصدرنا رفيع المستوى في السفارة الباكستانية بالرباط مشدّدا على أن بلاده تظل "ملتزمة بالسلام، دون التفريط في المصالح الوطنية أو الكرامة، وأنها أثبتت قدرتها على الردع التقليدي دون الحاجة للسلاح النووي، مما يبرهن على تفوقها العسكري ومهنيتها، لكن لا بد من تجنب تكرار مثل هذه السيناريوهات من خلال الالتزام بالمعايير المتفق عليها".

ونبّه المتحدث إلى أنه "رغم ما هو معروف عن قدرات باكستان الدفاعية والعسكرية، إلا أنها اختارت التحلي بضبط النفس الاستثنائي في مواجهة الاستفزازات والاعتداءات المتكررة من الهند، وقد اكتفت بالدفاع المشروع عن النفس بنجاح، رغم أن الهجمات الهندية العارية أدت إلى مقتل العديد من الأبرياء الباكستانيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي" موردا: "سنواصل اختيار المسار المسؤول، مفضلين السلام على النزاع.. ولكننا نملك الإرادة والقدرة الكاملة على الدفاع عن أنفسنا بكل قوتنا."

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...